للحقيقة وجوه عديدة

شن شمس الدين حملة شعواء على وزراء السلطان نجم الدين واتهمهم بالجهل، وكان يردد في كل مكان إن رجال السلطان والمقربين إليه لا يقولون الحقيقة، بل لا يعرفونها وهم مختلفون في الفكر والرأي.
وصل الغضب بالوزراء إلى منتهاه، واتهمه وزراء السلطان بالخيانة العظمى، فهو يسعى لبلبلة الأفكار وإثارة الناس عليهم وإحداث فتنة في البلد. وكثر الكلام حول شمس الدين، وقرر السلطان أن ينهى هذا الصراع، فطلب عقد محاكمة لشمس الدين وبحضور جناب السلطان شخصيا، وعين السلطان تسعة قضاة ليكون عادلا في حكمه على شمس الدين.
وبدأت المحاكمة وسأله كبير القضاة: ماذا تقول في التهمة الموجهة لك هل أنت مذنب أم لا؟
أجاب قائلا أنا مذنب وغير مذنب؟
فقال له كبير القضاة وكيف نفهم ذلك؟
اتجه شمس الدين إلى كبير القضاة، وطلب منه أن يأمر مجموعة القضاة الموجودين لمحاكمته بأن يكتبوا إجابة على هذا السؤال: ما هو الماء؟
وافق كبير القضاة على ذلك، وطلب منهم أن يكتبوا إجابة عن هذا السؤال.
فكتب القاضي الأول: الماء هو دواء العطشان
وكتب الثاني: الماء هو المطهر من النجاسة
وكتب الثالث: هو المطر الذي ينزل من السماء
وكتب الرابع: هو مادة نقية صافية
وكتب الخامس: إنه مكون من عنصرين اثنين: أوكسجين و هيدروجين
وكتب السادس: إنه في البحر والنهر
وكتب السابع: إنه أكسير الحياة
وكتب الثامن: إنه يوجد في كل شيء حي
وكتب التاسع: إنه يستعصي على التعريف
بعد قراء إجابة القضاة اتجه شمس الدين نحو السلطان وقال له: يا سيدي السلطان، إنني لست مذنبا في قولي إن رجالك لا يعرفون الحقيقة، لأننا أمامكم الآن نجد أن تسعة من عقلاء البلد، والذين سيحكمون في أمري، اختلفوا في حقيقة الماء، وهو السائل الذي يعرفه كل الناس ويشربونه ويستخدمونه كل يوم، فكيف يعرفون أو يعلمون أي أمر آخر.
كان ذلك كافيا لإقناع السلطان ببراءة شمس الدين وخروجه منتصرا على رجال السلطان